أشار رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، سعد الحريري، يوم السبت، إلى أن كل ما تم التداول به خلال الوساطة السورية السعودية، التي سبقت سقوط حكومته، حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال والده رفيق الحريري، "أصبح من الماضي وخارج التداول".
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) أن الحريري، قال في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي، "أعلن أمام جميع اللبنانيين، أن كل ما يتصل بما سمي (س ـ س) المبادرة السورية السعودية، أصبح من الماضي، ولا وجود له في قاموس سعد الحريري أو قاموس تيار المستقبل".
وكانت سورية والسعودية أعلنتا عن قيامهما بمبادرة مشتركة، عرفت بـ" س – س"، لإرساء الاستقرار في لبنان لمعالجة التوترات السياسية التي ألمت به وذلك نتيجة للتسريبات المتعلقة بالمحكمة الدولية، كما شهد لبنان مؤخرا محاولات من تركيا وقطر لكنها انتهت دون نتيجة.
وأضاف البيان أن "أي بناء على ما قيل وتردد ونشر وجرى تزويره أو تحريفه أو اقتطاع أجزاء منه، هو في حكم المنتهي وغير الموجود"، موضحا أنه "ليس هناك من ورقة أو بنود تتصل بعمل المحكمة الدولية وعلاقتها بالدولة اللبنانية تمت المصادقة عليها أو توقيعها".
ولفت أن "هناك فرقا كبيرا بين التداول بأفكار معينة وبين التوقيع أو المصادقة على هذه الأفكار"، مبينا أنه "على أي حال، ما جرى تداوله نسحبه من التداول، ويبقى الحال على حاله".
وأشار الحريري إلى أنه "سبق أن أعلن بعيد الاستشارات النيابية، التي أجراها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس حكومة جديد، أن ما قبل الاستشارات شيء وما بعد الاستشارات شيء آخر".
وكان النائب وليد جنبلاط أعلن منذ أكثر من أسبوع أن الحريري وافق خلال الوساطات التي جرت من أجل حل الأزمة اللبنانية، على ورقة قطرية تركية مستوحاة من المبادرة السعودية السورية تنص على "إلغاء ارتباط لبنان بالمحكمة الدولية من خلال إلغاء بروتوكول التعاون ووقف التمويل اللبناني لها وسحب القضاة اللبنانيين منها".
في سياق متصل، أوضح الحريري إن "تيار المستقبل يجد نفسه الآن في موقعه الطبيعي، أي في خط الدفاع الأول عن النظام الديمقراطي، وهو الموقع الذي اختاره الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 1998 ثم في العام 2004 - 2005"، وذلك في إشارة منه إلى الفترة التي كان فيها رفيق الحريري خارج السلطة.
وبيّن الحريري أن "التطورات التي رافقت الاستشارات النيابية" التي كلف نتيجتها نجيب ميقاتي تشكيل حكومة، "جاءت على خلفية مخطط مدروس وضغوط خارجية شديدة الشراسة استهدفت تغيير قوانين اللعبة الديمقراطية".
وأشار إلى أن "خروجنا من السلطة ليس وليد اللحظة التي أعلنت فيها نتائج الاستشارات النيابية، بل هو جاء محصلة لأمر عمليات خارجي جرى الإعداد له منذ أشهر، وعملوا على تنفيذه بأدوات محلية"، مضيفا أنه تعامل مع أمر العمليات هذا "منذ اللحظة الأولى" باعتباره "محاولة لفرض رؤساء الحكومات وسائر الرئاسات بقوة التدخل الخارجي والترهيب الداخلي".
وقال الحريري إن "تياره سيكون في المساحة السياسية التي تتوافق مع قناعاته الوطنية والتزاماته تجاه جميع اللبنانيين حيال القضايا المصيرية"، لافتا إلى موقف كتلة المستقبل النيابية خلال لقائها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي.
وكانت كتلة المستقبل سألت ميقاتي خلال اجتماعها به الخميس إن كان قادرا على "الالتزام العلني" بمسألتي "عدم الموافقة على طلب فك التزام لبنان" بالمحكمة الدولية و"وضع خطة زمنية لجمع السلاح الموجه إلى صدور الناس من كل الأراضي اللبنانية ومن كل الأطراف" وإدراجهما "في البيان الوزاري" للحكومة.
وفيما يتعلق بموقف الحريري وكتلته، كان ميقاتي اعتبر أن ما تقدمت به كتلة الحريري "لا يعتبر تعجيزيا"، مشيرا إلى التزامه بـ"الحوار للوصول بالحكومة المرتقبة إلى شاطئ الأمان"، وأردف "أنا أمام مفصل مهم جدا، أمام رأيين مختلفين تماما فلا يمكن أن التزم مع هذا الطرف ومع ذاك الطرف، أنا التزم بتقريب وجهات النظر ضمن حوار وضمن إجماع لبناني وضمن غطاء عربي".
وكانت حكومة سعد الحريري، التي تضم 30 وزيراً، تحولت إلى حكومة تصريف أعمال بعد استقالة وزراء المعارضة العشرة بالإضافة إلى أحد الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية ما أدى إلى إسقاطها، إذ أن الدستور اللبناني ينص على أن تستقيل الحكومة في حال استقال منها ما مجموعه الثلث زائد واحد من إجمالي وزرائها.
وكان فوز ميقاتي بـ68 صوتا من أصوات النواب مقابل 60 للحريري لاختياره مكلفا لتشكيل الحكومة تسبب باحتجاجات في العديد من المدن اللبنانية كان أشدها في بيروت وطرابلس التي شهدت مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن إصابة عدد من الأشخاص.
ويعيش لبنان حالياً تحت وطأة أزمة سياسية منذ أشهر، تفاقمت بعد سقوط الحكومة على خلفية تسريبات القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، التي كشفت عن توجيه اتهامات لمسؤولين من حزب الله بمسؤوليتهم عن هذه الجريمة، فيما يرفض الحزب هذا الأمر ويشير إلى أن إسرائيل هي من قام باغتيال الحريري، ويطالب بإحالة ملف شهود الزور في المحكمة إلى المجلس العدلي